فى ذكرى رؤوفة حسن الشرقى

Raufa

فقدت الجماعة العربية للعلماء الاجتماعيين وبالذات المجلس العربى للعلوم الاجتماعية أحد أبرز رموزها الأستاذة الدكتورة رؤوفة حسن الشرقى عضوة مجلس أمناء المجلس. لقد وافتها المنية فى نيسان/ابريل الماضى فى احدى مستشفيات القاهرة بعد معاناة طويلة مع مرض الكبد.

 

لقد أمضت رؤوفة سنوات عمرها الثلاث والخمسون فى رحلة طويلة كرست خلالها نفسها وجهودها من أجل دعم الحياة الأكاديمية وبصفة خاصة الأعلام وهو مجال تحصصها، وودفع النشاط النسائى و النهوض بمنظمات المجتمع المدنى فى اليمن و المنطقة العربية.

لقد كانت نجمة بكل معنى الكلمة: خبيرة فى الشؤون اليمنية واحدى أبرز النساء اللاتى أثرين الحياة العامة فى اليمن. لقد خاضت معارك عديدة من أجل دعم الدولة المدنية والديموقراطية قبل الوحدة بين شطرى اليمن الجنوبى والشمالى واستمرت فى كفاحها بعد اعلان الوحدة من أجل ارساء مبادىء مجتمع مدنى أكثر نشاطاً وحيوية. وعلى الرغم من أن مواقفها الجريئة واصرارها على الحريات العامة، ولاسيما حرية الصحافة، قد وضعها فى مرمى النقد والهجوم، الا أنها قد حازت على احترام أعدائها و وزملائها على حد سواء. امتازت الراحلة بالشجاعة الادبية في طرح رأيها والدفاع عنه وعرفت بكونها شخصية مثيرة للجدل في أغلب أرائها وانتقاداتها لبعض الشخصيات والرموز والممارسات والآراء والقوانين والمصطلحات. وعرفت رؤوفة حسن بإستقلالها التنظيمي وعدم إنضمامها إلى أي حزب سياسي ولها آراء جرئية ومتميزة حول أهمية الإستقلالية، مما أكسبها شخصية فريدة وحضورا قويا في عدد من المحافل الإعلامية والاجتماعية الوطنية والعربية والعالمية.

لقد كانت رؤوفة قامة كبيرة وعالمة متمكنة فى مجال الاعلام فى علاقته بالتنمية و من بين الرعيل الأول من النساء اليمنيات اللاتى التحقن بهذا المجال وسخرت معارفها وخبرتها لوضع هذا التخصص على الخارطة الأكاديمية اليمنية كمجال معترف به من الدراسة والبحث. وقد أنشأت رؤوفة قسماً للأعلام فى جامعة صنعاء الذى أصبخ فيما بعد نواة لكلية الأعلام فى الجامعة. وقامت رؤوفة بتدريب العديد من الشابات والشباب من الجيل الجديد من الصحافيين والمتخصصين فى الاعلام الذين حملوا شعلة الكفاح من أجل الحرية واليموقراطية فى اليمن. لقد كان لرؤوفة دور بارز فى انشاء مركز الدراست النسوية والأبحاث التطبيقية فى جامعة صنعاء فى عام 1969 ومركز دراسات النوع الاجتماعى بنفس الجامعة فى عام 1993. و أدارت بكفاءة مؤسسة تخطيط التنمية الثقافية الذى استخدمته كقاعدة لتنظيم ورش العمل عن النوع الاجتماعى وتدريب البرلمانيات وتسجيل النساء للتصويت، كما كانت قد نظمت قبل وفاتها سلسلة من النقاشات لانشاء متحف وطنى لليمن المعاصر. لقد سبقت المنية الدكتورة رؤوفة قبل أن تنهي حلمها في انجاز هذا المتحف الذي يحمل رؤية اجتماعية وسياسية متقدمة، تقدم صورة غير متحيزة عن تاريخ اليمن واليمنيين.

ان فقدان رؤوفة خسارة كبيرة للعالم العربى. لقد فقدنا نموذجاً مميزاً للنساء اليمنيات والعربيات المعاصرات. فحين دافعت رؤوفة عن حقوق النساء اليمنيات والعربيات، فقد أعلنت حرباً ضروساً ضد النظام الأبوى الذكورى الذى يضرب بجذوره فى المجتمعات العربية. لقد قدمت مثالاً حياً على الاصرار و الدأب كناشطة نسوية وضعت المساواة الحقيقية بين النساء والرجال نصب أعينها ولم ترض لأقل من ذلك. لقد امتدت جهودها المستميتة غير الرادعة الى ماهو أبعد من حدودها الوطنية. ومع تفان لاينضب ساهمت رؤوفة فى ارساء مبادىء الحرية والديموقراطية وحقوق النساء فى كافة المجتمعات العربية. لقد كانت رؤوفة عضوة فى أول مجلس أمناء للمجلس العربى للعلوم الاجتماعية انتخبته الجمعية العمومية فى القاهرة فى عام 2009. ومن خلف جسدها النحيل ظهرت أراؤها القوية و معرفتها الواسعة بالبلدان العربية وحالة العلوم الاجتماعية بها. وخلال الشهور القليلة التى سبقت وفاتها افتقد المجلس وجودها ومساهماتها البناءة. لقد افتقد المجلس بالذات مشاعرها القوية وقدرتها غلى ادارة الحوار بشكل موضوعى و رغبتها القوية فى دفع المجلس العربى للعلوم الاجتماعية قدماً. وحينما ساءت حالتها وأصبح من المتعذر عليها حضور اجتماعات المجلس، كانت ترسل أراءها عن المسائل الحيوية التى تهم المجلس عبر الهاتف من سريرها بالمستشفى.

لقد تركتنا رؤوفة فى وقت نجح فيه الشباب العربى - رجاله ونساؤه - فى السيطرة على مقدرات حياتهم فى تونس ومصر وسوريا وليبيا واليمن من أجل الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية التى طالما كافحت رؤوفة من أجلها. لقد كانت رؤوفة تؤمن بالشباب العربى – تؤمن بطاقاته و قدراته. ومن نواح كثيرة فان هؤلاء الشباب وثوراتهم هم الميراث الذى تركته لنا رؤوفة. 

عرض الكل
ACSS

رسالة من إدارة المجلس

اقرأ

ACSS

تحديد الإحتياجات

موارد للبحوث | المرصد

ACSS

إنتاج الأبحاث رفيعة المستوى

أبحاث | اصدارات

ACSS

تعزيز القدرات

تعزيز القدرات | التدريب

ACSS

المنابر والعمل الشبكى

التشبيك | الجمعية العمومية

ACSS

دعم الفكر المستقل

دعم الفكر المستقل