المنتدى

عودة


بوابة الأثر الإجتماعي: محاولة لوضع نتائج البحث العلمي في متناول الجميع

06/26/2018 بوابة الأثر الإجتماعي: محاولة لوضع نتائج البحث العلمي في متناول الجميع

أطلق معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت البوابة الإلكترونية حول الأثر الاجتماعي للبحث العلمي التي تستهدف البحث حول/من العالم العربي (بسيسر).

تهدف بوابة "بسيسر" إلى انشاء أرشيف مفتوح لمسار البحث العلمي بكامله، بما في ذلك نقل المعرفة والأنشطة البحثية المتعلقة بالسياسات العامة ونشر المعرفة للعموم. وتعتمد هذه البوابة على المعلومات التي يقوم الباحثون والباحثات بإدخالها، وتشمل وصفاً لمشاريعهم البحثية ومخرجاتهم وتأثيرهم الإجتماعي. والمراد بـ "الإجتماعي" هنا هو بمعناه الأشمل المتضمن للجوانب الإقتصادية والسياسية والثقافية والمفاهيمية، وفقًا للتوصيف على البوابة.

وتستقبل البوابة المعلومات الخاصة بالمشاريع إن كانت منجزة أو مستمرة .وهي مفتوحة لكل العلوم والإختصاصات.

وتتمتع البوابة بمحرّك بحث يمكن استخدامه من قبل جميع أصحاب العلاقة، من الباحثين، والمستفيدين من المؤسسات، وواضعي السياسات، والجمهور، ووكالات التمويل وغيرهم.

قمنا بالإتصال بمؤسس المشروع ومديره، وأستاذ علم الإجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت، ساري حنفي.

إليكم المقابلة التي أجريناه معه عبر الإنترنت.

لماذا أردتم إنشاء هذا المشروع؟

ساري حنفي: في سبيل فهم مجتمع المعرفة وإقتصاده، اهتمّ الكثير من الدول بربط صنّاع السياسات بالمعرفة والبحث العلمي. وتشكلت "نظم استشارية للسياسات" مختلفة لدعم قرارات المعنيين. وتشمل اللجان الاستشارية وفرق العمل والاستشارات والتي تقدم تقارير أو ما يسمى بالأوراق البيض (white papers). أين هو دور هذا النظام الاستشاري والمعرفي العربي في السياسات؟ لسوء الحظ، لقد نوّهت دراسات كثيرة، منها كتابنا "البحث العربي ومجتمع المعرفة: نظرة نقدية جديدة" (مع ريغاس أرفانيتس) (صدر بالعربي مع مركز دراسات الوحدة العربية وبالإنجليزي مع راوتلج)، إلى التأثير الضعيف للمجتمع الأكاديمي العربي في صنع القرار السياسي في الوطن العربي. فلا يوجد أثر يذكر لمحاولات الجامعات العربية وصْل البحوث بالمجتمع والقطاع الخاص. وهناك حاجة إلى التفكير في المؤسسات الوسيطة (مجالس البحوث والجمعيات العلمية وحاضنات الأعمال) التي ينبغي أن تربط بين البحوث المهنية ونشرها وبين العموم وصانعي السياسات. هناك بالطبع بعض المبادرات، وخاصة في مصر وتونس والمغرب، حيث تنشر حاضنات الأعمال هذه المساهمات. ولكن ذلك لا يكفي، لا بل هناك حاجة إلى بذل جهود أكثر منهجية.

كما أنني مهتم بنشر المعرفة العلمية للعموم. فالمطلوب تدعيم ثقة الجمهور في البحث والعلم. إن الثقة بالعلم أقل ارتباطاً بالثقافة وأكثر ارتباطاً برغبة المؤسسات المجتمعية في تعزيز هذه الثقة أو إضعافها. ويشير برونو لاتور في كتاب له إلى كيفية قيام لوي باستور بتحريك المجتمع الريفي الذي أصيبت مواشيه بالمرض. واعتمد نجاحه على شبكة هامة من القوى الإقتصادية والسياسية والعلمية، بما في ذلك حركة الصحة العامة ومهنة الطب. ويفصّل لاتور جهود باستور لتحريك الجمهور الفرنسي (من المزارعين والصناعيين والسياسيين، والعديد من المؤسسات العلمية). وكان هذا التحالف في غاية الأهمية في إقناع النخبة السياسية لمنحه التمويل لتطوير البسترة. أمّا في الوطن العربي، فالمعرفة العلمية الأساسية غير موجودة بين الأفراد العاديين، إذ لا يعرفون الفرق بين المناخ والطقس مثلاً. هذه المعرفة الأساسية شرط لبناء تحالف مع العموم، ولأن صنّاع القرار يهتمون بالرأي العام أكثر من الحقائق العلمية، فمن المهم أن نبدأ في بناء هذا الرأي.

لماذا تشجّعون الباحثين والباحثات على تسجيل أبحاثهم في البوابة؟

ساري حنفي: هناك مشكلة كبيرة في الوطن العربي في ضعف البنية التحتية للبحث العلمي والتي تسهل المرئية والولوج المفتوح للمعرفة المنشورة بالعربية. وبالرغم من الأهمية القصوى للنشر في المجلات الأكاديمية العربية، والتي تجعلها موافق عليها من قبل الجماعة العلمية، إلا أن المعرفة يجب أن تأخذ أشكالًا أخرى للعب دور المناصرة وكسب التأييد (advocacy)، ودعم السياسات العامة وتوعية الجمهور. ومن هنا تأتي أهمية هذه البوابة بجعل نتائج البحث بأشكاله المختلفة مرئية ومفتوحة الولوج للمعنيين من الجمهور ومتخذي القرارات. وتكون البوابة بذلك وسيطًا فعالًا بين الانقطاع الرهيب بين البحث العلمي والجامعة من جهة، والمجتمع والاقتصاد من جهة أخرى. وقد قال أحد الباحثين الذين بدأوا في تعبئة بيانات نتائج بحثهم أنهم "محرجين" لأنّهم لم ينشروا إلا في مجلات متخصصة يقرؤها أترابهم في المهنة، بينما لم يتوجّهوا أبدًا في حياتهم إلى متّخذي القرارات أو المستفدين أو العموم بشكل واسع. وهذا مربوط جزئيًا بديكتاتورية أنظمة الترقية في العالم العربي التي لا تحثّ على النشر للعموم أو الإهتمام بتوصيل المعرفة لمتّخذي قرارات السياسات العامة.

كيف تقومون بتعريف المستخدمين بالبوابة؟

ساري حنفي: منذ أن قام معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت بإطلاق البوابة، نسعى إلى التّوجه إلى الباحثين بحملة لإقناعهم بأهمية جعل أبحاثهم أكثر مرئية من خلال إيداع نتائجها في البوابة، لما لذلك من مساهمة في زيادة أثرهم الإجتماعي. كما نعمل على حثّهم على نشر نتائج بحثهم بما يتجاوز النشر في المجلات الأكاديمية المحكّمة للتوجه إلى المجتمع المحلي والمعنيين في نتائج البحث. كما نتعاون مع مدراء ورؤساء المؤسسات التعليمية والأكاديمية والبحثية كي يعملوا على تشجيع العاملين معهم من أعضاء هيئة التدريس والباحثين على إيداع نتائج أعمالهم في البوابة واستخدام المواد المعرفية الموجودة فيها.

ما الذي يميّز البوابة عن منصات إيداع الأبحاث الأخرى؟

ساري حنفي: الفرق بينها وبين موقع أكاديميا مثلًا هو أنّها منصة بثلاث لغات: العربية والإنجليزية والفرنسية. وهي تهتم ليس فقط بما أنتجه الباحث من مقالات علمية، ولكن بأي شكل تبسيطي للبحث كالبيانات والمعلومات المصوّرة (infographics) والتوصيات.

كيف باستطاعتها مساعدة الأفراد المعنيين (باحثون وباحثات، أعضاء المجتمع المدني، مبحوثون ومبحوثات، صانعو وصانعات السياسات والقرارات، إلخ)؟

ساري حنفي: ذكر لنا بعض المنظمات الأهلية والدولية المعنية بتعليم اللاجئين أنهم وجدوا البوابة مفيدة جدًا، إذ إنها تظهر بعض نتائج الأبحاث كالبيانات والمعلومات المصورة والتوصيات بشكل سلس وسهل للمراجعة، وأن بعض هذه الدراسات ليس منشورًا، حيث أن النشر يحتاج إلى وقت طويل.

فعليًا كيف تقوم البوابة بقياس الأثر الإجتماعي؟

ساري حنفي: هذا الموضوع معقّد وسوف يكون موضوع مرحلة مقبلة. فالمطلوب معرفة مواصفات الباحث الذي يتعامل مع الجهات غير الأكاديمية وذلك في كافة مراحل البحث العلمي: من اختيار موضوع البحث الملبي لحاجة المجتمع والإقتصاد ومتخذي قرارات السياسات العامة، وتصميم البحث، وتنفيذ البحث، إلى نشر المعرفة الناتجة عنه في دوائر مختلفة. وهذا ما يسمى في حقل دراسات سوسيولوجيا العلوم بانفتاحية (openness) الباحث وانخراطه بهموم المجتمع. ومن خلال معرفة من هم المنفتحين من غير المنفتحين يمكن التفكير بتوصيات للمؤسسات لتسهيل انفتاح الباحثين. وقد بيّن الكثير من الدراسات أن هناك أهمية لتوسيع مدارك وشبكات الباحث منذ مرحلة الدراسات العليا. وهذا يتطلب جهدًا شخصيًا بالإضافة إلى جهد من الجامعات لتسهيل ذلك. ولكن بما أن محرّك البحث متاح للجميع، فيمكن لأي شخص البحث عن مجال أو موضوع علمي ما ودراسة نتائج المعرفة وشكلها واستخراج بعض النتائج الأوّلية عن مدى انفتاح الباحثين في اختصاص علمي معيّن.

ملاحظة: ساري حنفي عضو في المجلس العربي للعلوم الإجتماعية.


ترك تعليق

إذا كنتم ترغبون في الانتساب إلى المجلس العربي للعلوم الاجتماعية، يمكنكم مراجعة صفحة العضوية للاطلاع على أنواع العضوية وكيفية تقديم طلب الانتساب.